في الركعة الثانية من صلاة العشاء قرأ الإمام سورة الزلزلة فما أن انتهى إلى قول الحق تبارك وتعالى ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) حتى شعرت أنه قد حلق فكري وسمت مشاعري ولم يمنعني من الإسترسال مع هذه المشاعر والأفكار إلا أنني واقف في الصلاة فنتج عن ذلك أنني كتبت بعد الصلاة ما انتهى إليه نظري القاصر فمن تلك الأفكار أن الله تعالى وهبنا العقل لمعرفة الخير والشر وأعطانا الإرادة ومكننا من فعل الخير أو الشر ولكنه لا يعاقب على الشر حتى يكون الإنسان قد عرف واختار ومضى في تنفيذ الاختيار فقال " يعمل " محققا وجود العمل مع أنه في جانب الثواب يثيب على النية الصالحة إذا صحت ، ومن ذلك أن الله يسر لنا القرآن قراءة وحفظا وسماعا وأن ما نسمعه من قراءة القرآن في الصلاة هو من الذكرى التي تعرض لنا يتذكر منها الفرد ما خصه الله به وتتذكر الجماعة ما يخصها وأنها نعمة مستمرة تعرض لنا في أحوال مختلفة فإذا فاتنا حظنا منها مرة لعلنا نوفق لها في المرة الأخرى ومن تلك الأفكار أن الله ميز شريعته وجعل دينه ظاهرا وذلك بأنه لم يجعله تعاليم جافة تفرض بقوة السلطة لا قيمة فيها لمشاعر الإنسان وعواطفه وأحاسيسه ولا ما عرفه أو جهله من الثواب والعقاب والجزاء والحساب وإنما هو شريعة متكاملة تراعي كل ذرة في كيان الإنسان ومنها حرصه على التذكير بعهد الله إلينا في القرآن الذي شرع لنا قراءته وسماعه والانصات عند قراءته وتدبره وحث وحرض على العمل به فهو شريعة ليست مهملة في ذاتها ولا مهملة للمكلفين بها تتقاسم معهم التذكير وانتهيت بخلاصة أنه ينبغي لنا أن نعلي موعظة التذكير بالقرآن في الصلاة على أي موعظة أخرى يتداخل فيها كلام الناس مع كلام الله وقد نبه الله على هذه الموعظة الخالصة في كتابه بقوله تعالى " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد "
محمد العاقل