آخر تحديث :الإثنين-24 فبراير 2025-01:35ص

هل تتكرر أخطاء الماضي؟

الإثنين - 02 ديسمبر 2024 - الساعة 01:42 م
عدنان زين خواجه

بقلم: عدنان زين خواجه
- ارشيف الكاتب


في التاريخ السياسي المعاصر لليمن، تبرز تجربة الرئيس السابق علي عبدالله صالح (عفاش) كنموذج صارخ للاستبداد القائم على هيمنة قبلية ومناطقية محدودة. فقد كرّس صالح سنوات حكمه لبناء نظام يرتكز على احتكار المناصب الأمنية والعسكرية لصالح دائرة قبائلية ضيقة، تركزت بشكل كبير في مديرية عمران وقبائل الأحمر، في محاولة لضمان بقائه الأبدي على كرسي السلطة.

إلا أن هذه السياسة، القائمة على الإقصاء والاستئثار، انتهت بثورة شعبية اجتثت نظامه في ليلة وضحاها، لترسم درسا لا يُنسى عن مصير الأنظمة التي تتجاهل حاجات شعوبها وتطلعاتها نحو العدالة والمساواة.

الجنوب ومخاض التكرار

اليوم، يبدو أن الجنوب يمر بتجربة مشابهة، حيث بدأت بعض المديريات والمناطق بتكرار نفس النهج، من خلال الاستحواذ على المناصب العسكرية والأمنية والمدنية. هذه الهيمنة تعكس عقلية قبلية ومناطقية مشابهة، تنظر إلى السلطة كغنيمة، بدلاً من كونها وسيلة لخدمة جميع أبناء الوطن. وما يزيد الطين بلة، أن هذا النمط من الاستبداد يحدث في زمن أصبحت فيه المعلومات تنتقل بسرعة الضوء، لتكشف عن كل الخروقات والمحسوبية أمام الرأي العام المحلي والدولي.

العقلية الاستبدادية في زمن الشفافية

إن تكرار نفس الأخطاء التاريخية في ظل الظروف الحالية يُعد كارثة سياسية وأخلاقية. فزمن الاستبداد المبني على النفوذ القبلي والمناطقي قد ولّى.

العالم اليوم يعيش في عصر الشفافية، حيث يمكن لأي مواطن أن يرصد الاستغلال السياسي أو الإداري وينشره للعالم في ثوانٍ. ومع ذلك، يبدو أن بعض النخب السياسية لم تستوعب هذا التحول، ولا تزال تعتمد على عقليات قديمة أثبتت فشلها في إدارة الدولة وتحقيق استقرارها.

الحل في دولة المواطنة

إن الاستمرار في هذا النهج لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسامات والاحتقان الشعبي، مما يمهد الطريق لاضطرابات جديدة قد تعصف باستقرار البلاد. المطلوب هو تجاوز هذه العقلية القبلية والمناطقية، وبناء دولة حديثة قائمة على المواطنة المتساوية، حيث تكون المناصب مبنية على الكفاءة والجدارة، وليس على أساس الانتماء القبلي أو الجغرافي.

على القوى السياسية في الجنوب، وفي اليمن بشكل عام، أن تتعلم من دروس الماضي. التجارب التاريخية أثبتت أن الهيمنة والاحتكار لا يدومان، وأن الشعب، مهما تأخر، سيطالب بحقه في المشاركة الفاعلة في رسم سياسة البلاد وإدارة شؤون الدولة.

ختامًا، لا سبيل أمام اليمن إلا بتبني رؤية وطنية شاملة تعلي قيم العدالة والمساواة، وتضع حداً لعقلية الاستبداد القبلية والمناطقية. فالمستقبل لا يبنى على التفرقة، بل على الوحدة والعمل الجماعي.