في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها شريحة واسعة من المواطنين في يمن الشرعية، تبرز قضية جديدة تُثقل كاهل الموظف والمتقاعد على حد سواء؛ ألا وهي إصدار البطاقة الشخصية الإلكترونية. هذه الوثيقة الرسمية المطلوبة لمواكبة التحديثات الأمنية والإدارية، قد تحولت إلى عبء مالي غير مبرر على المواطنين، الذين أصبحوا مضطرين للتضحية بجزء كبير من دخلهم الشهري من أجل استخراجها.
تصل قيمة البطاقة الشخصية الإلكترونية إلى حوالي 25 ألف ريال يمني، وقد تبدو قيمة عادية في بعض الظروف، لكن بالنظر إلى وضع المواطن اليمني اليوم، فإن هذه التكلفة تصبح ثقيلة، إذ إن رواتب المتقاعدين والموظفين تساوي 30 إلى 60 ألف ريالاً يمني، مما يعني أن جزءاً كبيراً من راتب الشهر، الذي بالكاد يغطي بعض احتياجات الحياة الأساسية، سيُصرف على إجراء واحد، وربما لا يكون له الأولوية في ظل احتياجات يومية ملحة.
تتفاقم المعاناة حين نتحدث عن الأسر الكبيرة، حيث يتعين على رب الأسرة دفع تكاليف استخراج البطاقة لجميع أفراد أسرته، ما يعني أن الراتب البسيط الذي يتقاضاه قد يذهب كاملاً أو أكثر خلال أشهر متتالية، لتأمين متطلبات بطاقة الهوية لأسرته، دون أن يكون لديه خيار آخر لتأجيل أو إعفاء هذه المصاريف.
المفارقة الأكبر تكمن في أن الحكومة والأجهزة المعنية تعلم جيداً حال المواطن اليمني، وتدرك صعوبة الظروف الاقتصادية التي يعيشها. غير أن غياب الرؤية الجادة لحلول عملية، كإعفاء من لا يستطيع تحمل التكاليف أو توفير بطاقة مجانية للأسر ذات الدخل المحدود، يعكس مدى الفجوة بين المواطن والمسؤول.
لماذا لا يتم التفكير بحلول مبتكرة لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين، مثل إرسال فرق ميدانية متنقلة إلى القرى والمناطق النائية لإصدار هذه البطاقة مجاناً؟ ولماذا لا يتم تقسيط أو تخفيض تكاليفها لتصبح في متناول الجميع؟
العيش في القصور الفارهة، والتمتع برواتب ضخمة، يضع المسؤولين في معزل عن هموم المواطن، فيبدو الأمر كما لو أن معاناته أمرٌ هامشيٌّ وغير ملح. لكن، ألم يحن الوقت لهؤلاء المسؤولين ليتنبهوا إلى أن واجبهم الأساسي هو خدمة الشعب وتخفيف معاناته؟