سئم اليمنيون طيلة 9 أعوام حالة الحرب المضنية وما أن سمعوا عن الاتفاق المعلن بين أطراف الصراع لم تكن أمنياتهم هذه المرة بقيادة تتمتع بمزايا سوبر مان الخارق أو بقدرات ماوكلي في مصادقة الحيوانات بل تمنوا حكاما وبمواصفات الأب والأخ والصديق. حكاما لن يتركونا في الفترة الحرجة .. حكاما ليس لديهم مؤثرات خارجية تُملى عليهم وأن هدفهم النبيل والشريف هو مراعاة مصالح المواطن قبل كل شيء.
السادة أطراف الصراع، قيادة التحالف، العالم بأسره نريد أناسا قد لعبوا "شبدلوا" مع أقرانهم في حافة حسين بعدن وأغمضوا أعينهم ليلعبوا "غميضان" مع زملائهم في أحياء المدينة القديم بالباب الكبير بتعز.. نريد أناسا لايتجاهلوا حقيقة أن أبناء اليمن كانوا يتفقون على أن "مقهاية الحاج علي" في صنعاء القديمة تجمعا للمثقفين والبسطاء والكبار والصغار و"ثمار" الحسيني في لحج منتزه للجميع وجبل "ربي" في إب يشكل طابع الذكريات الجميلة لأي يمني, نريدهم قد اغتسلوا بشاطئ الكثيب بالحديدة وصلوا صلاة الجمعة في الجامع الكبير بالضالع ثم مروا على قبر النبي هود في حضرموت ليقرؤوا الفاتحة على أجدادهم وبعدها أسرعوا إلى "رصابة" بذمار حيث اللبن الطازج الذي لا يُمل منه.
نريدهم أن يسردوا لنا حكايات مثيره عن هجرتهم التجارية عبر منفذ حرض بمحافظة حجة وعن عصابات التهريب حينما غرروا بشبابنا بالهجرة الغير شرعية التي استطاعت أن تلغي ثقافة الإيمان بالوطن بدون مبررات سوى أنها كانت تهوى القتل والتشريد.. وقبل ذلك نريدهم أن يتذكروا هل سبق لهم وأن زاروا جزيرة السحر والجمال "سقطرى" ونريدهم أيضا أن يكونوا قد تجولوا في "حواري" شبام كوكبان بالمحويت لمجرد أن لهم أصدقاء في تلك "الحواري" وكانوا يروا من واجبهم أن يقسموا الوقت بينهم. نريدهم قد تلذذوا بالقهوة البيضاني ووأغتسلوا وأكلوا من وادي باتيس في أبين ويشتهوا أن يأكلوا بطاط أبو حمر من خاله خديجة في البريقة وسوق الطويلة.
نريد أشخاص لهم ثقافتهم الخاصة في قضية أن عدن وتعز وحضرموت والحديدة والمهرة لم يعرف السلاح ومتى عرفوه نبذوه خارج مدينتهم وأيضا أن يكون القات في السوق لايعنينهم..نريد أشخاص نستوجبهم عن تاريخ قلعة صيرة وسد الصهاريج وأن يكون لديهم مبدأ أن كل مدينة إستثنائية في تاريخها وحاضرها المؤلم حيث جمعت بين الحب والسلام والتسوية بين الأجناس.. نريد أشخاص من أفراد الأسرة اليمنية حتى يكونوا أكثر فاعلية متى ماتسنوا الجلوس على كرسي القيادة استحسنوا علمهم تجاه قضية إذا حال بها الشفاء أصبحت عروس لليمن الذي نحب.
لدينا في اليمن ثرواتنا الخاصة ومتى ماتمكنا من الوصول إلى أول الخيط سنجدها على هيئتها في أذهاننا لا بحمل السلاح والتظاهر الحاصل في قوقعه لم نستطع الخروج منها ثم نجد شبابها متعطش لثقافة الغاب .. نريد قيادة تهتم لأبسط الخدمات كقضايا الكهرباء والمياه.
وبإختصار شديد نريد أشخاص شهدوا فترات الفقر والغنى والحزن والفرح التي مرت بها اليمن لتصل إلى ماوصلت إليه اليوم وبذلك يستطيعوا أن يستوعبوا معنى أن السعادة كانت لا تفارق الناس طيلة العام كامل.
نريد أشخاص أن يتحروا في الشؤون الصغيرة والكبيرة ولا يكونوا منحازين لطرف ما ليتسنى لهم مواجهة التحديات وفق ثقافة عامة لن يكتسبوها مالم يكونوا قد نشأوا وسط أحداث شتى من الألم والأمل.
نريد أناس لهم ذاكرة من ذهب فلا ينسوا الظروف العصيبة والأحداث المؤلمة التي دفعت باليمن لتبلغ الذروة في كل شيء.. نريد عاماً نكتب فيها عن أحلامنا التي تحققت وعن التحديات التي مضت.. عن التعايش الجميل وعن الخير الوفير.
وبصراحة شديدة نريد عاما بلا حرب، عام بلا فتن ولا قتل .. عام يسوده الأمان قبل كل شي؟؟
وكل عام وأنتم بخير