* *كتب/علي صالح عاطف
يمر الوطن اليوم بمرحلة مخاض سياسي ، على طريقة إضمحلال المد التعبوي ، الذي ظهر سرابه في أفقنا التاريخي العظيم وتكلست نواياه ، وموجة تجذره التي إجتاحت وطننا غداة إندلاع ثورة لم تنتصر بعد .
لقد بلغت الأزمة ذروتها ، لكننا نمتلىء ثقة بأن المستقبل مشرق ، وأنه سوف يغير الواقع بالقضاء على آفات ومخلفات الحروب ، فقد أصبحنا أكثر نضجاً لحجم التحدي التأريخي ، بيد أن التفاؤل يبقى سيد الموقف ، يتجدد عبر السنين والعقود في موجة حماسية باهضة التلهف لعودة الدولة، وإسترداد مجدها ، عبر معركة شريفة جديرة بالتضحية منذ مايقارب العقد ..
أدعو شعبنا إلى رفض مفردات الكآبة والتشاؤم المطلق، والنكوص من واقع مدسوس بغبار الزمن الجاحد ، يجب دائمآ أن نتوخى دروس التاريخ ، كي نتخطى الإنطباعات الآنية التي هي حتماً سطحية وموضعية ..
المشهد السيريالي لم يعد مستحضر ، للصراعات ، والخلافات والتباين بين الفرقاء ، بل هناك مفهوم إستراتيجي يبلور مشروع جامع ضمن مفاهيم الدولة المدنية الحديثة .. يعطي الشعب بارقة أمل بأن الغد أفضل ، وأنه بقدراته وأهدافه الموحدة ، قادر على بلورة مشروع يمني يوازن القوى الإقليمية ، ويوقفها عن التدخل في شؤونه واللعب على وتر التناقضات، لكن السياسة الفوارة بالتحولات والحسابات ، تجبر صانع القرار على تقديم مقاربات جديدة، وتجريب حلول مختلفة، مع الإبقاء اليقظ على الحس الأخلاقي والوطني .
الحرب تفرض على اليمن تحديات أمنية واقتصادية أكبر، فهو يتشارك مع شقيقتيه المملكة السعودية وسلطنة عمان حدوداً برية وبحرية واسعة ، مما جعلها حرائق لا تنطفئ !
تظل الصراعات تجهض آمال الحياة السياسية في اليمن، ما انفك دخان الحرائق السياسية ، والأمنية، والإقتصادية، يخنق الأجواء في عديد من المحافظات، ملقياً بتهديدات وظلال وخيمة على الشعب بأكمله..الذي ما إن راودته بواعث الأمل في تصحيح البوصلة، والمضي قدماً على طريق التنمية، وإستعادة عافية الوطن ومؤسساته الحكومية.
من هذا المنطلق ومن تلك العزيمة والإصرار نتعشم ضرورة إخماد ما ينشب من حرائق، تجهض الآمال والتطلعات كافة.
شعبنا قادر على تجاوز عثراته ، وإخماد الحرائق في ساحات تلفها تحديات عميقة، سواءً من جهة الأوضاع الأمنية والسياسية، أو الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، رغم المرحلة العصيبة التي أفضت إلى حصار متسع وقتل وتدمير ممنهجين إلا أن أوضاعنا الراهنة على سوئها، تبقى أهون بما لا يقاس، والتاريخ دائمآ أعقد من كافة التكهنات، يسمح للإنسانية أن تذوب في أتون صدام وعذابات هذا الواقع بكل تفاصيله .
لكن بواعث الأمل لا تزال أقوى من دواعي اليأس والتذمر !!
حفظ الله اليمن وشعبها الكريم .
* *(وكيل وزارة الصناعة والتجارة)*.