قد كنت خبأتك كما يقول أيوب : بين نبضي ، وغرف قلبي . في تعاريج الوريد وبين منعطفات الشرايين هناك حيث التاجي والأبهر خبأتك وحبك . في لحمي ودمي ، ورئتيّ وكبدي احتفظت بك ؛ إذ قلت لك : اسكن أنت وروحك ، كن عشيري لأجل بعيد ، أردت ذلك، وكنت كذلك . بل وأفضل ما أريد.
ولقد جمعتك ولملمتك بعد أن كنت منثورًا في قفار قاحلة كريش عصفور في يوم عصف شديد ، فلِمَ أبيت إلا أن تعود إلى ضياعك من جديد ؟ لماذا رحلت إلى ذلك المكان الموحش البعيد ؟ بعد هذا العمر المديد ! ما قيمة الأيام اللاتي تعيشها الآن، وقد رحلت وبعدت ! للتو أينقص هواك أم يزيد ؟
يا أول وآخر الأحباب ، في عمري ، هل سوف تعود إلى تعز من جديد ؟ أنلتقي في مطعم السعيد ؟ ونلعب ونمرح ونخلق من جديد...
يا من رحلت إلى بعيد ، عد للحياة لسكناك لقلبي العميق ، وتذكر مجدنا التليد، وردد معي خاتمة النشيد ، وعش أيامك كلها عيد ، واسقط الأحزان من قلبك كورقٍ في الجليد.